كنت أعتقد أن خيال محمود السعدني أقوى ما فيه، فهو إذا كتب أو تحدث أضفى على ما يكتبه وما يقوله صورا يستمدها من خيال أوسع من عقليات العلماء، وذمم المرابين!
ولكن مذكرات “الواد الشقي” أثبتت أن ذاكرة السعدني أقوى من خياله. إنه يروي أحداث طفولته بدقة وتفصيل، كما لو كانت هذه الأحداث قد وقعت له منذ لحظات، ولقد توهمت وأنا أتابع حلقات هذه المذكرات في “روز اليوسف” أن خيال السعدني قد طغى على الحقيقة. ولكن أصدقاء طفولته الذين زاملوه في الحارة أكدوا لي أن السعدني قدم نفسه في مذكراته وهو متجرد من خياله من ثيابه معا!
والصورة التي تطالعني للسعدن من خلال مذكراته أنه كان في طفولته يملأ حجره بالطوب ويمشي في الحارة، ويقذف الناس، ويجري… ولا هدف له إلا أن يضحك من رؤية من يقذفهم وهم يتوجعون!
هذا الولد الشقي في الحارة، أصبح الولد الشقي في الصحافة، فهو يملأ حجره بالطوب ويقذف أهل الفن ولاعبي الكرة ويجعل منهم مادة للهزء والسخرية
الفرق بين محمود السعدني في الحارة ومحمود السعدني في الصحافة أنه، وهو في الحارة لم يكن له هدف من إلقاء الطوب على عباد الله إلا أن يضحك منهم ويجري… أما السعدني في الصحافة فإنه يهدف من إلقاء الطوب إلى تقويم ما يراه معوجا بالمنطق والعنف وبالأسلوب النابض الساخر الذي يتحدى من يهاجمهم ألا يشعروا باللذة وهم يقعون تحت ضربات قلمه القاسي!
وهو في الصحافة يلقي الطوب على ضحاياه ولا يجري
يخطئ من يظن أن السعدني سليط اللسان فقط.. إنه سليط العقل والذكاء أيضا، وهذا سر جاذبيته كصحفي، وكاتب، وإنسان.
مذكرات “الواد الشقي” أثبتت أن ذاكرة السعدني أقوى من خياله. إنه يروي أحداث طفولته بدقة وتفصيل، كما لو كانت هذه الأحداث قد وقعت له منذ لحظات، ولقد توهمت وأنا أتابع حلقات هذه المذكرات في “روز اليوسف” أن خيال السعدني قد طغى على الحقيقة. ولكن أصدقاء طفولته الذين زاملوه في الحارة أكدوا لي أن السعدني قدم نفسه في مذكراته وهو متجرد من خياله من ثيابه معا! والصورة التي تطالعني للسعدن من خلال مذكراته أنه كان في طفولته يملأ حجره بالطوب ويمشي في الحارة، ويقذف الناس، ويجري… ولا هدف له إلا أن يضحك من رؤية من يقذفهم وهم يتوجعون! هذا الولد الشقي في الحارة، أصبح الولد الشقي في الصحافة، فهو يملأ حجره بالطوب ويقذف أهل الفن ولاعبي الكرة ويجعل منهم مادة للهزء والسخرية.