“هذا الدين” و “المستقبل لهذا الدين” كتابين قيّمين للشهيد سيّد قطب, يطرح خلالهما نقاط محوريّة تتناول ركائز هامّة يقوم عليها الدين الإسلامي العظيم, غفل عنها الكثيرون, ونسيها البعض, وجهلها آخرون, وكان أبرزها في هذا الكتاب مفهوم “الإسلام منهج للبشر” وفيه يبيّن الكاتب طبيعة عمل الإسلام في الحياة, وكيف أنّه –على الرّغم من كونه منهجا إلهيّا- يعتمد في آليته ونتائجه على جهود البشر, فهو دين ديناميكي يدفع نحو العمل والحركة والبناء, يستحثّ أتباعه على الأخذ بالأسباب, يُحفزّهم على الحرث والبذر, على السقي والرعاية, على الكدّ والبذل, كي يحصدو الثمار.
هو دين الفطرة, دين المنطق, هو شرع الله
وهنا يقول السيد:
“إنّ البعض ينتظر من هذا الدين –ما دام مُنزّلا من عند الله- أن يعمل في حياة البشر بطريقة سحرية خارقة غامضة الأسباب! ودون أي اعتبار لطبيعة البشر, ولطاقاتهم الفطريّة, ولواقعهم الماديّ, في أيّة مرحلة من مراحل نموّهم, وفي أيّة بيئة من بيئاتهم.”
ويضيف:
“هذا المنهج الإلهي, الذي يمثّله *الإسلام* في صورته النهائيّة, كما جاء بها محمد (صلى الله عليه وسلم), لا يتحقق في الأرض, وفي دنيا الناس, بمجرد تنزّله من عند الله, لا يتحقق بكلمة “كُن” الإلهية, مباشرة لحظة تنزّله. ولا يتحقّق بمجرد إبلاغه للناس وبيانه, ولا يتحقق بالقهر الإلهي على نحو ما يمضى ناموسه في دورة الفلك وسير الكواكب.
إنّما يتحقق بأن تحمله جماعة من البشر, تؤمن به إيمانا كاملا, وتستقيم عليه –بقدر طاقتها- وتجتهد لتحقيقه في قلوب الآخرين وفي حياتهم كذلك, وتجاهد لهذه الغاية بكلّ ما تملك.”