«بينما كانت حميدة تَلعن الحكَّام المتصارِعين على السُّلطة، وفضح القُبح اليمني أمام العالَم، كان مروان في الوقت نفسه يَلعن حُورياته العرايا؛ هذا الاسم الذي أطلقه عليهن مؤخرًا بعد مشهد المَسبَح، فكلما ذكر عُريهنَّ في المَسبَح أمام العامة شعَر بالغضب.»
نَطوف مع «مروان» في رواية «العريقي» البديعة هذه في عالَمَين مختلفَين ظاهرًا، لكنَّ جوهرهما واحد؛ وننتقل معه بين الحاضرِ المشبَع بالظلم والاستبداد والقهر والحرب وتسلُّطِ الإنسان على أخيه، وبين المستقبلِ الغاصِّ بالفِسق والشهوة الجامحة والانحلال وتسلُّطِ الإنسان على نفسه؛ فنَجُوب بين ظنِّ الإنسان أنه قادرٌ على السيطرة على غيره والتحكُّم في مصيره وحياته، وبين ظنِّه أنه امتلك ناصيةَ نفسه، وهزَم الشيطان وحجَّم أَناه. فكيف كانت رحلة «مروان»؟ وماذا رأى في العالَمَين؟ وهل خرج منتصرًا ظافرًا بروحه نقيَّةً كما كانت، أم تلبَّس بروح الكِبْر المستقبلي؟! إنها روايةٌ عن الظلم والقهر، عن العُجب والكِبْر، عن الإنسان الذي ظنَّ أنه قادرٌ على دُنياه يتحكَّم فيها ويحكمها، فدمَّرها ودمَّر جنسَه كله.