واقفٌ هنا منذ ستّين عامًا لأعود لنفسي… أطرق الأبواب الّتي غابَ سُكّانها، وأمشي في الدّروب الّتي رحل أهلُها، وأسأل الوجوه الّتي تبدّلتْ، وأنتظر الإجابات الّتي ماتت، وأُصغي لعلّني أسمع صهيل الشّقراء يقدم من فَجٍّ عميق، وما الخيل إلاّ صوتُها؟ فهل يعودُ إليّ ذلك الصّوت الحبيب الّذي غرق في بحر الماضي. واقفٌ أنتظرني… أي بؤس أشدّ من أن ينتظر المرء نفسه التي أنكرها بعد طول ضياع…؟! هنا كان جدّي، هنا كان أبي، هنا كانتْ أمّي.. لماذا لم تبقَوا زمنًا أطول، لماذا تركتُم العاشق اليتيم وحيدًا؟!