موسوعة الحضارة العربية الإسلامية
نشأت الفلسفة في الحضارة العربية نتيجة لنقل الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية منذ الربع الأخير من القرن الثاني للهجرة (الثامن الميلادي) وطول القرنين التاليين (الثالث والرابع للهجرة = التاسع والعاشر للميلاد). ولم يقتصر ذلك على الفلسفة، فبالإضافة إلى ذلك كانت حركة ترجمة علوم الأوائل من اليونانية أو السريانية إلى العربية في غاية النشاط في القرنين الثالث والرابع للهجرة بحيث شملت معظم التراث اليوناني في الفلسفة والطب والفلك والرياضيات والطبيعيات، ولم يعرف لهذه الحركة نظيراً في أية حضارة أخرى، حتى ولا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، أو في عصر النهضة. فقد توافرت للترجمات شروط النقد التاريخي والفيلولوجي الدقيق، بالإضافة إلى ذلك فإن نفوذ العلماء اليونانية في العالم العربي قد تمّ على أوسع نطاق، بفضل علماء إنسانيات من الطراز الأول، لا يُكاد يوجد لهم نظراء إلا في القرن التاسع عشر في أوروبا.
لقد حفظت هذه الترجمات الكثير من النصوص والكتب اليونانية التي نقدت أصولها اليونانية، ولم يبق منها غير هذه الترجمات العربية. ومن هنا يمكن القول بأنه كان للعرب فضل عظيم جداً في تكوين التراث اليوناني: الصحيح منه والمنحول، وفي تحقيق النصوص الصحيحة الباقية من هذا التراث باللغة اليونانية، وفي استرداد شيء مما فقد من هذا التراث.
ولهذا فإن فضل العرب على التراث اليوناني، من كل النواحي أكبر من فضل أية أمة أخرى… لقد كان العقل العربي منفتحاً لكل ألوان الثقافات العالمية، فعنى بالتراث الإيراني والتراث الهندي وتراث حضارات قديمة كبيرة، إلى جانب دوره العظيم هذا في تكوين الفكر اليوناني. وكان هذا التفتح الواسع، الذي لا يحدّه شيء، ولا يقف في سبيله أي تزمت ولا تعصب ولا ضيق نظر، هو العامل الأكبر في ازدهار الحضارة العربية الإسلامية هذا الازدهار الشامل الرائع الذي أضاء العالم في العصر الوسيط.
تتناول ‘موسوعة الحضارة العربية الإسلامية’ الكثير من تراثنا الإسلامى الغنى الذى يعتز به كل مسلم ، ويفخر به كل عربى ، فهو تراث إن دل على شيء فإنما يدل على ما كان عليه العرب منذ فجر الإسلام من حضارة علمية وأدبية وفنية ، فضلاً عن الحضارة الاجتماعية والثقافية والدينية…