بدائع التفسير: الجامع لما فسره الإمام ابن قيم الجوزية
وفي مثل هذا النوع من المصنفات التي تعمل على تفسير كتاب الله، يغلبني التنوع والثراء الذي لا أظنه صادرا إلا عن بركة آيات الله وكلماته، فلا أستطيع أن ألم بمراجعة، ولا أختصر بوصف، لكن دعني ألقي عليك بهذه الفائدة الدقيقة، والتي لو أمسكنا بها جيدا لكفتني وإياك. وهي أن للتوفيق صور متعددة، فلا تظنن أن خدمة الدين لا تنال إلا بكتاب يؤلف، أو منبر مسجد يرتقى، فقد يكون التوفيق كل التوفيق أن تكون خادما تلم أشتات الأقوال، وتجمع متفرقها، كما حصل هنا مع صاحبنا الذي جمع تفسير ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في أربع سنوات من متفرق كتبه، ليخرج لنا بهذا الكتاب العزيز.
إن كان من ملاحظة لحظتها بين هذا النوع من الكتب وكتب التفسير المكتوبة بغرض التفسير، فهو النفس العام للكتاب، من حيث عدم انتظامه، وعدم وحدة الأسلوب ولا المقصد ولا المنهج، فالقارئ المتنبه يلحظ أن للكتب التفسيرية نسقا ومنهجا موحدا يعوده عليه صاحب التفسير، ومعيارا وحكما يستطيع استقراءه إن هو أطال النظر في منهجية كاتبه، على عكس هذا النوع من الكتب التي يجمعها وحدة موضوعية لا منهجية – إن صح التعبير واقترب مما نشير إليه-.
على أي حال رحم الله الكاتب والجامع، وألحق بهما القارئ الفقير من كل أمر سوى محبتهما في الله وغبطتهما على اجتماعهما في خدمة كتابه.