فتح الباري فى شرح صحيح البخاري
كان الحافظ الزاهد الفقيه أبو الفرج عبد الرحمن ابن رجب (ت:795) درة من درر العلم النفيسة، وصفه ابن حجر وقال:” مهر في فنون الحديث أسماء ورجالاً وعللاً وطرقاً واطلاعاً على معانية، وكان صاحب عبادة وتهجدا”[2]. وجميع مصنفات الحافظ فريدة في أبوابها ومباركة؛ لاعتدال آرائه وإنصافه للحق ونزاهة منهجه رحمه الله تعالى. وقد سمى الحافظ شرحه لصحيح البخاري الذى شرع فيه بــ ( فتح الباري) ثم لم يقدر له إتمامه، وإنما وصل إلى كتاب الجنائز مع فقدان بعض الأحاديث المشروحة أيضا، حيث لو قدر له إتمامه لصدقت فيه مقولة الإمام الشوكاني “لا هجرة بعد الفتح” ومع ذلك وفي ما بقية بين أيدنا حوى لنا كثيرا من علم السلف الذى لا يستغنى عنه.
قال الحافظ ابن عبد الهادي -رحمه الله- عن فتح الباري:” وشرح -يعني ابن رجب- قطعة من (صحيح) البخاري إلى كتاب الجنائز. وهي من عجائب الدهر. ولو كمل كان من العجائب”[3] . وقد حرص ابن رجب في هذا الكتاب –كعادته- على شرح الحديث بالحديث وبآثار السلف معتنيا بذكر الأسانيد والأحكام الفقهية المحررة، مما يجعل النفوس مطمئنة إلى ما في طيات الكتاب أكثر من غيره من الشروح.