الرئيسية السلاسل مشرحة بغداد
اعلانك هنا. تواصل الآن

مشرحة بغداد

كعادته في كل ما يكتب يمنح الروائي العراقي برهان شاوي اللحظة الكتابية روحها، هي لحظة الكشف حيث تكون الكتابة مشروعاً صادقاً لحقبة زمنية صعبة ومتشابكة الأحداث من تاريخ بلاده السياسي والاجتماعي. في “مشرحة بغداد” يعكس الروائي هماً صادقاً لقضايا وطنه الكثيرة والمقلقة، ويطرح أسئلة كثيرة تفرض نفسها علينا ما بين عراق الأمس، وعراق اليوم، تتبدل الوجوه، ويبقى الظلم، الإنسان أصبح مشروع جثة، وليس مشروع حياة، حتى الشخوص في الرواية تسربلت في صورة جثث، يجتمعن في مشرحة بغداد الكبرى، لتحكي كل واحدة منها بشاعة موتها، منها من قضى في انفجار، ومنها من قضى في التعذيب، ومنها من أعدم تحت جنح الظلام “.. كانت كل جثة قد جلست على سريرها النقال، وكانت الجثث ممزقة من الخلف. بعضها في الرأس وبعضها في الصدر. رأس إحداها قد بدت مهشمة من الخلف، وعند أخرى كان نصف القفص الصدري قد اقتلع في الانفجار…”. وهكذا ما بين خط فاصل بين الحياة والموت ينحو الروائي إلى نقد إشكالية الموت من جانبها الميتافيزيقي منحى القسوة والسخرية المرّة بصوت خانق يذهب بعيداً في قضية الإنسان الوجودية وتناقضات وجوده وتعقيداتها. حتى يبدو وكأن الموت هو الحياة الحقيقية، وما الحياة سوى كابوس طويل. نستمع إلى إحدى الجثث: “… أن الذي أعرفه هو أننا نبقى لفترة قليلة جداً في هذا العالم ثم ننتقل إلى عالم الأرواح. غداً سنفترق. بعد أن يمزقوا أجسادنا، باحثين عن سبب موتنا. وربما لن يقوموا بذلك. فقط سيأتي أهلنا لأخذنا من هنا لتدفن أجسادنا…”. “مشرحة بغداد” رواية تعبر عن أكثر حالات الإحباط البشري والشعور بعبثية الفعل الإنساني أمام مصيره المحتوم بأساه وتراجيدياه الأزلية الأبدية، وعلاقته بفعل الموت، هي أسئلة لا نعرف من أين نبتدئ بها، ولا نملك الإجابة عليها، ولكنها تبقى في رسم إجابات لا تجيب