سلسلة المتاهة
المتاهات، كما أعلن كاتبها في أكثر من لقاء صحافي وتلفزيوني، هي تناص معكوس لـ”جحيم” الشاعر الإيطالي دانتي أليغيري، تبدأ من “متاهة آدم” وتنتهي بـ”متاهة العدم العظيم” مرورا بـ”متاهة حواء”، “متاهة قابيل”، “متاهة الأشباح”، “متاهة إبليس”، “متاهة الأرواح المنسية”، و”متاهة العميان”، “متاهة الأنبياء”.
اعتمد الكاتب في السرد الرؤية الخارجية ذات الاتجاه الكلاسيكي. وتنطلق من الراوي (كلي العلم) الذي تصفه سيزا قاسم باعتباره الراوي المحيط، علماً بالظاهر والباطن والذي يقدّم مادته دون إشارة إلى مصدر (معلوماته) ما دام راوياً كلي العلم، أي عليم بشكل مطلق بعالم روايته ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، يستطيع أن يسمع بما يدور بخلد شخصياته الروائية، أو بحسب تعبير سيزا قاسم وهي تصفه بقولها: فكأنه ينتقل في الزمان والمكان دون معاناة ويرفع أسقف المنازل، فيرى ما بداخلها وما في خارجها ويشق قلوب الشخصيات ويغوص فيها ويتعرّف على أخفى الدوافع وأعمق الخلجات… إلخ. وهو مع ذلك شخصية غير مشاركة في عالمها الروائي، لكنها وهي تتحدث عن ذلك العالم، شخصية يمكنها أن تتدخل في العمل الروائي بالتعاطف مثلاً مع إحدى الشخصيات أو بالانحياز أو بالتفسير أو بالتعليق أو باستشراف مستقبل شخصياتها إلى الحد الذي دفع النقاد إلى وصفها بالإله (مجازاً) لقدراتها الخلاقة وعلمها المطلق، مستعينة في كل ذلك بضمير الغائب (هو) غالباً.
نستطيع أن نعتبر “المتاهات” أطول عمل عربي، حيث إنه لا يوجد عمل طويل في الرواية العربية يصل إلى حدود 5000 آلاف صفحة، ويكون أبطاله قد تجاوزوا المئات، علماً أنهم يحملون كلهم اسما واحداً، آدم للذكور ونادرا قابيل وهابيل، وللأناث اسم حواء وأحيانا إيفا إذا كانت مسيحية أو أوروبية.