ان هالة القداسة التي تحيط بالنص الديني تجعل من المتدين متلقياً سلبياً له ، لا ينتبه الى اشكالياته ولا يحفل بغوامضه. ان ما يطلبه منه هو أن يكون مرشداً أخلاقياً ودليلاُ الى حياة نفسية وعقلية سوية ومتوازنة. وعندما يفلح النص في أداء هذه المهمة (وهذا ما يفعله عادة)تخفت الحاجة الى عقلنته والتفكر في اشكالياته التي تترك للاختصاصيين الذن مازالوا في أمرها يختلفون. ولكن العقل الذي يطلب التصديق بعد الايمان ينتقل بأصحابه من حالة التلقي السلبي للنص الى حالة التفاعل الايجابي معه ومن غض الطرف عن مشكلاته الى التفكر فيها لأن ايمان القلب دون تصديق العقل يبقى ايماناً هشاً وناقصاً فالانسان مزيج متكافئ من قلب ومن عقل والحياة السوية تتأتى عندما لا يطغى أحدهما على الآخر.
هذا الكتاب موجه الى طالبي المعرفة البحتة المنزهة عن الغرض والى المؤمنين من أهل العقل لا أهل الحرف والنقل.