فإنّ أولويّةَ البدء بتربية الأطفال تفرض نفسها بصورة أكبر عندما نعلم أنّ الأطفال والناشئة يشكّلون من جهةٍ شريحةً واسعةً من المجتمع ، وهم من جهةٍ أخرى يشكّلون بقيّة الشرائح في المستقبل .. ولاشكّ أنّ تأسيس التربية على أصولها الراسخة خير من إهدار القوى والطاقات في معالجة النتائج السلبيّة للإهمال والتفريط .
وأيّهما أولى بالاهتمام والتقديم : إعداد أجيال صحيحة النشأة قويمة البنيان ، أم بذل الجهود في إصلاح الراشدين .؟ وإذا كان كلا الأمرين ضروريّاً ، فإنّ أولويّة التربية للأطفال والناشئين تفرض نفسها ، لأنّ مسئوليّة الآباء والمربّين عن تربيتهم ورعايتهم أكبر وآكد ، ولأنّ مَا يقدّم لهم كالبذر في الأرض الطيّبة يحسُن نباته ، ويعظم خيره بإذن الله ، ويكثر ثمره .
وإنَّ التربية على العبادة من أعظم مقاصد التربية الإسلاميّة وأهدافها ، وهي تحتاج إلى عناية المربّي ورعايته ، وجهد مقصود منه ، يتعهّد به الطفل منذ نعومة أظفاره ، يحبّب له العبادة ، ويرغّبه بها ، ويشوّقه بحاله وقاله إلى اليوم الذي يكون فيه كبيراً ، فيؤدّيها مثل الكبار ..
وإنّ الخطأ الذي يقع فيه كثير من الآباء والأمّهات أنّهم لا يمهّدون للطفل سبيل العبادة منذ مرحلة مبكّرة ، حتّى إذا أصبح في سنّ السابعة أمروه بالصلاة ، فرآها ثقيلة على نفسِه ، لأنّه لم يمهّد له السبيل إليها .