لا أريد اختزال المأزق الراهن لمجتمعاتنا فى فقه مذهب أو لاهوت فرقة ومدوناتها العقائدية والفقهية، أو فى آثار جماعة من السلف خاصة، لأن المأزق أعمق، وأبعد مدى من ذلك المأزق يكمن فى البنية التحتية لهذه المقولات العقائدية والأحكام والفتاوى الفقهية، وفى قصور أدوات النظر فى النصوص ومناهج القراءة الموروثة، إنه يتمثل فى الأسس ومناهج التفكير والأدوات المتوارثة المنتجة للتفكير الدينى فى الإسلام، من: المنطق الارسطي، وعلم الكلام، وأصول الفقه، وقواعد الفقه، وعلوم القرآن، وأصول التفسير، وقواعد الحديث وعلم الرجال، وعلوم اللغة، بوصفها المادة الأساس لتشكيل الرؤية للعالم، وبناء الانساق العقائدية، وصياغة منطق التفسير، ورسم خارطة تفكير الفقه، وانتاج مختلف المعارف الدينية، التى يكرر العقل الإسلامى فيها ذاته باستمرار، ولا يستنسخ ما قاله الأوائل من أئمة الفرق والمذاهب، ويستأنف قواعدهم، ويرسخ عباراتهم ومصطلحاتهم وآراءهم كما هي، ولم يخرج من نسخ على منوالهم واقتفى آثارهم عن تلك الأصول والقواعد والمقولات فى الغالب، إلا بحدود بيان القاعدة، وشرح العبارة وشرح شرحها، والحواشى والتعليق عليها، وتوضيح المراد واستخلاص المضمون.