الكتاب الجديد للمفكر الإقتصادي الكبير الدكتور جلال أمين يثير شكوكا كثيرة في صحة الاعتقاد بفكرة التقدم والتخلف، وفيما إذا كان من الجائز وصف دول أو أمم بأنها متقدمة، وأخري بأنها متخلفة أو متأخرة.
فكرة التقدم والتخلف ليست موغلة في القدم، ولا هي بديهية. والتقدم والتخلف لا يقاسان بالنمو الاقتصادي وحده. ومن السخف اعتبار بعض الأمم أكثر تقدما في مضمار «التنمية الإنسانية» من غيرها. واتهام العرب بأنهم «متخلفون» في هذا المضمار اتهام مرفوض. وليس من السهل اعتبار بعض الأمم أكثر تمتعا «بالحرية» من غيرها. والديمقراطية ليست، كما يشاع، في عصر ازدهار، ولا حتي في الدول المسماة «بالديمقراطية». وما يعتبر من «حقوق الإنسان» يختلف من ثقافة إلي أخري.
و «ثورة المعلومات» قد تجلب من الأضرار ما لا يقل عن منافعها. أما وصف بعض الدول والأمم «بالإرهاب» فهو اختراع حديث يراد به السيطرة علي موارد ومقدرات هذه الدول والأمم. الكاتبان الشهيران ألدوس هكسلي وجورج أورويل كانا إذن علي صواب عندما تصوّرا مستقبل الحضارة الغربية «تقدما إلي الخلف». ومن ثم فالإصلاح المنشود ليس بالضرورة أن تفعل مثلما فعل الآخرون. «فالحداثة» شيء و«الإصلاح» شئ آخر. كتاب هام يطرح نظرة مختلفة.