قد أنعم الله علي بمنحة في صورة محنة, خلوت فيها إلى نفسي لأخط هذه الصفحات, والتي أسميتها (صفقات رابحة), وهي عبارة عن فصول في مدرسة الترغيب والترهيب, تلك المدرسة التي تعد من أنجح المدارس في تقويم النفس ودرء عيوبها وحثها على بذل الطاقة واستفراغ الوسع في طلب الجنة وحرث الآخرة, ولولا هذه المدرسة لكانت القلوب رقعة خربة في غياب ري الإيمان وبواعث الهدى.
هذا الكتاب صيحة تنادي فيك : قم واصح يانائم لتوحيد الدائم, الصلاة خير من النوم, والتجلد خير من التبلد, العالي يرجو المعالي, والدون يقنع بالدون, من جد وجد ومن زرع حصد, جنة الفردوس تبغي ثمنا, ومهور العين ماكانت يوما رخيصة. ومضة أمل تسرج لك مصباح نور في ظلمة يأس فتبدده, وسفينة هداية ترفع لك لواء رشد في متاهة غنى فتهديك, وتمد لك طوق النجاة لتتشبث به قبل أن يبتلعك طوفان الحياة, ولايزال الأمل قائما مادام في القلب خفقة من حياة وفي الصدر أنفاس تتردد, وفي الجسد عرق ينبض, وفي الأجل لحظة عمر باقية.
هذا الكتاب صفحة جديدة تطوي صفحات قديمة, طالما سطر فيها ملك السيئات بقلمه, وآن له الآن أن يستريحويفسح المجال لملك الحسنات, يسطر صالح الأعمال لترفع الصحف بيضاء مسفرة, بعد أن ظلت دهرا ترفع سوداء, مظلمة.