يمكننا أن نلتقي في المساء، سأحضر لك بعض الكتب، سأحدثك عن قصتي الطويلة، أنا هنا، وعيناي معلقتان بالأرض الخضراء بالجبل السماوي “جبل تيان شان”، بجبال “بامير” الواقعة بين حدود باكستان وتركستان، بالنساء اللاتي نوعن البراقع من فوق وجوههن، بالشباب المعذب المخدر الذي يساق إلى معاهد العلم الجديدة هناك ليتعلم الإلحاد، ويسقي الأكاذيب والترهات، حتى ينسى تاريخه وإسلامه، بالمآذن والقباب، بالجموع التي تزحف في أطراف سيبيريا يحرقها الهوان والعذاب واللعنات الظالمة، أنا من تركستان الشرقية، وإليك القصة من بدايتها.
المدينة المقدسة تكتظ بحجاج بيت الله الحرام و حول الحرم المكى خلق كثيرون من شتى الأجناس و الألوان، بعد أن أديت صلاة الظهر اتجهت إلى البيت الذى اقيم فيه بمكة المكرمة، وفى طريقى دلفت إلى بعض الأزقة، هناك تباع المسابح و السجاجيد الصغيرة للصلاة و الطواقى المزخرفة
دخلت الى حانوت صغير نظرت إلى وجه التاجر الذى يبدو انه قد تخطى السبعين من عمره لم يكن عربياً هذا واضح من ملامحه و لون وجهه، سألته من اى بلد انت؟
سدد إلى نظرات يوشيها الحزن و الأسى و قال:
– من بلاد الله الواسعة
– فأى بلد تقصد
– من تركستان
فكرت قليلاً ثم سألت:
– أهى بلاد ملحقة بتركيا؟؟
علت ابتسامته الساخرة ظلال كآبة و قال:
– المسلمون لا يعرفون بلادهم.. ماهى صناعتك؟
– طبيب من مصر
– أفى بلاد الأزهر و لاتعرف تركستان؟؟؟ حسناً لا شك انك تعرف الإمام البخارى و الفيلسوف الطبيب ابن سينا و الفارابى و العالم الجهبذ البيرونى
– اننى اعرفهم
– هم من بلادى
شرح لى الرجل و اسمه “مصطفى مراد حضرت” ما هى التركستان، واخبرنى أن التركستان تقع فى اقصى الشمال، وأنها قد انقسمت بفعل الإستعمار إلى تركستان شرقية وأخرى غربية، وان الروس قد احتلوا تركستان الغربية، وضموها الى اتحاد الجمهوريات السوفيتية، وان تركستان الشرقية قد احتلها الصينيون من قديم، وضموها اليهم، وسموها سنكيانغ “اى الأرض الجديدة”
وان الشيوعية قد نشرت جناحيها على تركستان شرقها و غربها و هكذا ضاعت بلاد اسلامية كانت من اعظم بلاد الله حضارة و تاريخاً ومجداً إنها الأندلس الثانية..
عيب المسلمين انهم لا يعرفون تاريخهم و لا يدرون الا القليل عن بلادهم
رواية ليالى تركستان لنجيب الكيلانى رواية جميلة فى 150 صفحة تستحق القراءة