استغرق العمل على هذه الموسوعة نحو عشرين سنة ، إذ بدأ الإعداد لمادتها الأولية في النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين ، ولم ينقطع البحث في السرد العربي ، قديمه وحديثه ، منذ ذلك الوقت إلى أن جهزت هذه الطبعة للنشر في عام ٢٠٠٧م، ولكن من التمحل القول ب...
وإذا كان القارئ قد كون فكرة عن الشعر ، بسبب الطريقة الخطية العتيقة التي سارت عليها كتب تاريخ الأدب ، فقد حرم من معرفة السرديات التي قامت بتمثيل المخيال العربي – الإسلامي ، واختزنت التطلعات الكامنة فيه والتجارب التي عرفها ، وقد تعرضت و طوال تاريخها، إلي سوء فهم بسبب التركيز النسبي على الشعر من جهة أولى، وعدم امتثالها لشروط الفصاحة المدرسية في عصورها المتأخرة من جهية ثانية ، وعدم اعتراف الثقافة المتعالمة بها إلا في حدود ضيقة من جهة ثالثة ، فكان أن اختزلت إلى وقائع تاريخية ، إخبارية ، أو أباطيل فاسدة.
وشاع جهل شبه تام بالخلفيات الشفوية والدينية للمرويات السردية العربية ، وجهل بالعلاقات المتشابكة بين النصوص التي تنتمي إلى أنواع مختلفة ، وجهل بأبنيتها السردية والدلالية ، ثم جهل حقيقي بوظائفها التمثيلية ، فكان وعينا بأدبنا السردي ناقصاً، وكان تاريخ الأدب العربي يقفز علي رجل واحدة ، ولايمكن الادعاء بأن هذه الموسوعة ستجعله يسير على رجلين ، فذلك أمر يتجاوز قدرتها ويفوق طموحها قطعاً ، إنما تريد المساهمة في تنشيط الاهتمام بهذا الجانب ، كونها وقفت على الأنواع السردية الكبرى ضمن السياقات الثقافية الحاضنة لها ، دونما استعارة لأي نماذج سردية أنتجتها ثقافات أخرى ، وقد أولت عناية خاصة بالرواية لأنها أهم الأنواع السردية في الأب العربي الحديث.