أساطير الأولين: القصص القرآني ومتوازياته التوراتية
ينشأ كل دين في بيئة ثقافية معينة تقدم له الخلفية الاعتقادية والميثولوجية التي يشيد بنيته الجديدة انطلاقاً من نقدها و تجاوزها، ولكن من الإبقاء على بعض اثار تلك الحقبة الخلفية القديمة. فالعلاقة بين القديم و الجديد هنا علاقة جدلية، يتبادل الاثنان فيها التأثر و التأثير وصولاً الى حالة من الاستقرار يلتقي عندها الاثنان في تركيب لا يشبه أياً منهما.
في هذه الدراسة التي أتابع فيها ما بدأته في كتابي السابق “الإنجيل برواية القرآن” لا أنطلق من موقف مسبق من مسألة التشابه بين القصص القرآني والقصص التوراتي، وإنما من موقف باحث يعتمد منهج علم الأديان المقارن. أما عن مادة المقارنة، وهي التي دعوتها بالقصص، فإنها لا تقتصر على القصص بمفهومه الضيق، بل تشتمل أيضاً على أخبار الأنبياء، وعلى مسائل لاهوتية معينة مثل البعث والقيامة وما إليها من تصورات أخروية، وموضوعات متفرقة أخرى.