قالت مريمة: “رأيته بعد الغسق بقليل, ظننته القمر إذ كان كبيرا ومضيئا, ثم رأيت القمر فى الجهة الاخرى فاستغربت. بعدها نمت فرأيته مرة اخرى, ولكنه كان فى الحلم أكبر. كان نحاسياً ومتوهجاً ومشرفا على جبل, وعلى الجبل الوعل عظيم تعلو رأسه قرون شجرية ملتفة. وكان الوعل ساكنا وكأنما قُد من صخور الجبل الذى على قمته. ثم استيقظت“.
رفعت مريمة طرف ثوبها ومسحت العرق المتفصد على جبينها. أما المرأة المتربعة بجواراها على البساط فأخرجت من جيبها حقا حديديا صغيراً وفتحته, غمست فيه طرفى إبهامها وسبابتها وأخذت منه قدراً من مسحوق أحمر داكن, قربته من فتحت أنفها واستنشقت بقوة. مرت لحظة صمت أعقبها عطس متكرر.
عطست أم يوسف عطسة أخيرة, ثم هزت رأسها, ثم مسحت أطراف أصابعها فى خرقة وضعتها بالقرب منها, ثم أمسكت بقلم الورقة, وخططت أرقاماً وحروفاً. لم تغلق مريمة باب الرجاء, وظلت تتطلع الى المرأة العارفة التى بدا وجهها مستغرقا ومقطبا. انفرجت قليلا ثم أخرجت أكثر فانفلت من مريمة السؤال:
خير؟!
تنحنحت أم يوسف ثم قالت: مارأيته يا أم هشام هو النجم المذنب وهو لا يظهر الإ منذراً باشتغال الفتن وتبدل حال بحال إذ ينبئ بزوال مُلك الظالمين وهلاكهم الوشيك. والسؤال هو متى يتحقق ذلك؟